المبحث الثالث : الطعن بالنقض
بداهة أن لا يهدف الطعن بالنقض إلى إعادة النظر في القضية التي سبق الفصل فيها
أمام المحكمة العليا ، و إنما يرمي إلى النظر فيما إذا كانت الجهات
القضائية المختلفة قد طبقت النصوص والمبادئ القانونية بصفة سليمة في
الأحكام الصادرة منها ، سواء تعلقت المخالفة بالموضوع أو بالإجراءات ، مع
تسليمها بالوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه .
المطلب الأول : شروط الطعن بالنقض
أطر المشرع رفع دعوى الطعن بالنقض بجملة من الضوابط و الأحكام على أكثر من
صعيد فمن حيث الأحكام التي يجوز الطعن فيها فقد خص هذا الطعن فقط بالأحكام
النهائية الصادرة عن المجالس القضائية و المحاكم بجميع أنواعها. أي
الأحكام التي لا تقبل الطعن فيها إما لصدورها نهائية من محكمة الدرجة
الأولى أو المحكمة الاستئنافية و إما أنها صدرت ابتدائية لكن فات ميعاد
الاستئناف فصار نهائيا و لا يقبل إلا الطعن بالنقض أو الالتماس بإعادة
النظر.
أما من جهة الخصوم فيشترط أن يكون الطاعن طرفا في الخصومة أمام الجهة القضائية
التي أصدرت الحكم المطعون فيه كما لا يحق لخصم أخرج من الدعوى قبل صدور
الحكم أن يطعن فيه بالنقض .
كما يجب أن يكون للطاعن مصلحة في طعنه أخذا بالقاعدة الأساسية أن المصلحة هي
مناط أي طلب ،و للمحكمة العليا كامل الصلاحية في قبول أو رفض الطعن متى
تبين لها عدم توافر مصلحة للطاعن .
وفي الحقيقة أن مفهوم المصلحة ليس بمفهوم ثابت أو مستقر بل يجب تبيانه على أسس وقائع الدعوى و ظروفها .
و على رافع الدعوى أن يستند إلى حق مركز قانوني فيكون الغرض من هذا الطعن حماية هذا الحق.
و من بين أهم الشروط كذلك هو توافر للطاعن أهلية الطاعن وقت رفع الطعن فيقع
الطعن باطلا إذا دفع ممن لا تتوافر له هذه الأهلية ، ولو كان حائزا لها
عند قيام الدعوى و على العكس يصح الطعن ممن تتوافر له هذه الأهلية ولو كان
فاقدا لها وقت قيام الدعوى .
أما من حيث الحالات الواجب توفر أحدها على الأقل للقيام بالطعن بالنقض فقد حددها القانون في :
مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ،ومعنى مخالفة القانون هو إغفال
وترك الحكم المطعون فيه في إعمال نص من النصوص القانونية الصريحة ،أما
الخطأ في تطبيق القانون فيكون بتطبيق الحكم المطعون فيه على وقائع الدعوى
قاعدة قانونية غير القاعدة الواجبة التطبيق في هذا الصدد .
أما الخطأ في تأويل القانون يكون بإعطاء النص الواجب التطبيق غير معناه
الحقيقي سواء بإساءة الفهم الصحيح للنص أو بمخالفة إرادة الشارع المستقاة
من روح التشريع و حكمته .
و كذلك من أبرز الحالات هي عدم اختصاص الجهة القضائية ،و الطعن بعدم اختصاص
الجهة القضائية بإصدار الحكم المطعون فيه أي بفقدان اختصاصها بنقل الدعوى
هو في حقيقته طعن بمخالفة هذه القواعد،و توزيع الاختصاص لا يتعلق بمصلحة
الخصوم أنفسهم، وإنما يتعلق الأمر بتوزيع القضاء بين مهنيه كما يتعلق
بترتيب طبقات كل جهة و قدرة كل منها على الحكم فيما اختصت به و بملاءمة
المواعيد و الإجراءات التي تتبع أمام كل منها لنوع القضايا التي تختص بها .
وبخصوص تجاوز حدود السلطة للورثة بمقتضى القانون المطبق عليهم في مادة المواريث لجرد التركة و اتخاذ قرار بشأنها، إلا بعد انقضاء المهلة المذكورة .
وفي حالة تغير أهلية الخصم الذي خسر الدعوى لا يبدأ سريان مواعيد الاستئناف إلا بعد إجراء تبليغ جديد لصاحب الصفة عنه.
المادة 238 : ليس للطعن بالنقض أمام المحكمة العليا أثر موقف إلا في الحالات الآتية :
1ـ إذا تعلق الأمر بحالة الأشخاص أو أهليتهم .
2ـ في حال وجود دعوى تزوير فرعية .
المادة 271 : إذا انطوى الطعن على تعسف فإنه يجوز للمحكمة :
1ـ أن تحكم على الطاعن بغرامة مالية من مائة إلى ألف دينار لصالح الخزانة .
2ـ أن تحكم على الطاعن أيضا بما قد يطلبه أمامها المطعون ضده من تعويضات