خــــطـــــة البــــحــثمقدمة:المبحث الأول: ماهية التكييفالمطلب الأول: مفهوم التكييفالفرع الأول: تعريف التكييفالفرع الثاني: أهمية التكييفالمطلب الثاني: نشأة التكييفالفرع الأول:وصية الهولندي و ميراث المالطيالفرع الثاني:زواج الفرنسي و زواج اليونانيالمبحث الثاني: موقف الفقه و التشريع من التكييفالمطلب الأول: الاتجاهات الفقهية بشأن القانون الذي يحكم التكييفالفرع الأول:التكييف يخضع لقانون القاضيالفرع الثاني:التكييف يخضع للقانون المختص بحكم النزاعالفرع الثالث:التكييف يخضع للقانون المقارنالمطلب الثاني:موقف التشريعات من مسألة التكييفالفرع الأول:موقف القوانين المقارنة من مسألة التكييفالفرع الثاني:موقف المشرع الجزائريخاتمة:االمبحـــــــــــــــث الأول: مــــــــاهيـة التكـييـــــــفعندما يريد القاضي أن يطبق قواعد الإسناد في قانونه تعترضه صعوبات مرجعها وجود مسائلأأولية من الضروري الحسم فيها بمنظور قانوني معين قبل التطرق إلى التقنيةالقانونية المعمول بها للفصل في الموضوع، و مرجع هذه الصعوبات هو اختلاف النظمالقانونية من بلد لآخر.(1)يكمن حل هذه الصعوبات في "التكييف" الذي سيكون أول مبحث في بحثنا مخصصللتعريف بهو هذا في مطلبين: الأول عنوانه مفهوم التكييف ، و الثاني بعنوان أصل التكييف. المطلب الأول: مفهوم التكييـفسنتعرض في هذا المطلب لبعض تعريفات التكييف في فرع أول ثم ننتقل لتبيين أهمية التكييف فيفرع ثاني. الفرع الأول: تعريف التكييـفالحقيقة أن مشكلة التكييف لا تظهر فقط في مجال القانون الدولي الخاص، بل هي مشكلة تفرضنفسها كلما طرح نزاع أمام القاضي أو الباحث في مختلف فروع القانون.(2)فكلما كان القاضي مطالبا بالفصل في نزاع ما كان عليه بداية تكييف هذا النزاع سواء تعلقالأمر بمسائل القانون المدني ، أو القانون التجاري، أو الجنائي، أو العمل أوالأسرة...(3) بعبارة أخرى فكل دعوى ترفع أمام المحكمة يكون على القاضي أولا أنيحدد طبيعتها حتى يعرف سندها القانوني و مدى اختصاصه بها. مثلا هل التصرف مدني،تجاري، أحوال شخصية....و التكييف بهذا المعنى هو تنسيب النزاع إلى قانون معين ذلك أن القانون ليس واردا فيمجموعة واحدة أو كتاب واحد فهناك عدة قوانين، و كل قانون يتفرع إلى أقسام و أبوابو مباحث، مثلا القانون المدني ينقسم إلى عدة كتب: مقدمة، التنازع،الحق ،الإلتزامات، العقود هذه الأخيرة تنقسم إلى: شروط انعقاد ، آثار،انتهاء... و عليهفعندما يثور نزاع يقع على عاتق القاضي أن ينسبه إلى جزء القانون المخصص له. مثل أنتحكم المحكمة تصرف قانوني مدني يقع ضمن العقود المسماة، عقد بيع، و النزاع متعلقبالشروط الموضوعية و بالضبط الأهلية.(4)ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):د-زروتي الطيب-القانون الدولي الخاص الجزائري مقارنا بالقوانين العربية-ج1-تنازع القوانين – مطبعة
الكاهنة-الجزائر-س2000-ص87
(2):د هشام صادق علي-د حفيظة السيد الحداد-القانون الدولي الخاص-دار الفكر الجامعي-الاسكندرية-مصر-ط1-س2008-ص53
(3):د عليوش قربوع كمال-القانون الدولي الخاص الجزائري-ج1-تنازع القوانين-دار هومه-الجزائر-ط2-س2007-ص91
(4):د ممدوح عبد الكريم- القانون الدولي الخاص-تنازع القوانين-دار الثقافة للنشر و
التوزيع-عمان-الأردن-ط2005
الصفحة:03
و الحال كذلك في مجال القانون الجنائي ، حيث يقوم القاضي مثلا بتحديد ما إذا كان سلبمال الغير هو من قبيل السرقة ، أو النصب أو خيانة الأمانة، أو أن يحدد ما إذا كانتجريمة القتل عمدية و ما إذا اقترنت بظرف تشديد مثل سبق الإصرار و الترصد أو أنهاتخلو منهما.(1)و التكييف في هذا الصدد يمكن تشبيهه بمهمة تشخيص المرض من قبل الطبيب مثلا: عند شعورالمريض بألم في البطن فإن الطبيب يستعمل كل الوسائل المساعدة من أشعة و تحاليل وغيرها ليتوصل لتشخيص المرض على أنه التهاب في المعدة أو القولون أو الزائدة أوغيرها...فكل من هذه الأمراض له علاجه الخاص لذا لابد بداية من التعرف علىالمرض.(2)بناء على كل ما سبق يمكننا تعريف التكييف عموما بأنه:" تحليل للوقائع و التصرفات القانونية تمهيدا لإعطائها وصفها الحق و وضعها في المكانالملائم من بين التقسيمات السائدة في فرع معين من فروع القانون"(3) أو هو:"عملية تحديد الوصف القانوني أو الطبيعة القانونية لعلاقة قانونية"(4) و يعفه كاتبآخر بأنه:"تنسيب النزاع إلى فكرة أو مبدأ أو سابقة قضائية في حالة عدم جود قانون مكتوب"(5) ويعرفه آخر:" التكييف هو تحديد الطبيعة القانونية لواقعة أو تصرف لتحديد القانون الواجب التطبيقو شروط تطبيقه، و هو يمثل جانب من تفسير القانون لأن القاضي الذي يقوم بتفسيرالقانون يقوم في حقيقة الأمر بعمليات التكييف"(6)يلاحظ مما سبق أن التكييف بدأ أولا في القانون الداخلي قبل انتقاله إلى القانون الدوليالخاص و هو بشكل خاص"طبيعة المسألة التي تتنازعها القوانين لوضعها في نطاقإحدى الفكر المسندة التي خصها المشرع بقاعدة إسناد"(7)لكن يمكن القول أن التكييف في القانون الداخلي يؤدي إلى تحديد النص القانوني الموضوعيالواجب التطبيق، بينما في القانون الدولي الخاص يؤدي إلى وضع المسألة محل النزاعضمن طائفة من طوائف النظم القانونية المقررة في قانون القاضي تمهيدا لإسنادها إلىالقانون المختص.(ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):د زروتي الطيب-المرجع السابق-ص88
(2):د ممدوح عبد الكريم-المرجع السابق-ص35
(4):د هشام صادق-د حفيظة السيد الحداد-المرجع السابق-ص53
(5):د صلاح الدين جمال الدين-القانون الدولي الخاص-الجنسية و تنازع القوانين-دار الفكر
الجامعي-الاسكندرية-مصر-ط1-س2008-ص274
(6):د ممدوح عبد الكريم-المرجع السابق-ص35
(7):د عليوش قربوع كمال-المرجع السابق-ص93
(
:د صلاح الدين جمال الدين-تنازع القوانين دراسة مقارنة بين الشريعة و القانون-دار الفكر
الجامعي-الاسكندرية-مصر-ط2-س2007-ص
الصفحة:04
و التكييف في إطار القانون الدولي الخاص لا يكتفي بتحديد موضوع النزاع تحديدا عامابل يجب البحث عن الهدف منه مثلا: إذا تعلقالأمر بوصية يجب تحديد ما إذا كان النزاع منصبا حول موضوعها أو يتعلق بشكلها إضافةإلى وصفها على أنها وصية.(1)و لا يمكننا تعريف التكييف دون التعريج على مشكلة محل التكييف لما له من الأهمية فيتعريف التكييف.مشكلة محل التكييف أو ما ينصب عليه التكييف من المسائل الفنية الحديثة في إطار القانونالدولي الخاص حيث أن الفقه لم يهتم بمعالجة هذه المسألة إلا مؤخرا نسبيا و ذلكراجع إلى سببين أحدهما منهجي و الثاني عملي و منطقي.السبب الأول يعود إلى الاعتقاد الذي أبرزه الأستاذ "سافيني" و الخاص بفكرةالاشتراك القانوني أو التوافق في الفكر القانوني، مفاده أن أي مركز واقعي تتمخضعنه مصلحة أساسية تهدف كل القوانين مهما اختلفت إلى حمايتها، و بالتالي فالتباينلا يمس طبيعة المصلحة فهي محمية في كل الأحوال، لكن الواقع أثبت إمكانية اختلاف المصالحالمحمية و الأهداف من تنظيم المراكز، و عليه فإن فكرة التوافق القانوني لم يعد لهاوجود حيث حدث انقطاع في الاشتراك القانوني بين الأنظمة المتنافسة.(2)و على الرغم من وجاهة هذا التحليل هناك سبب آخر عملي و منطقي يبرر عدم اهتمام الفقهبموضوع التكييف، و هو يتمثل في أن مشكلة التكييف كمشكلة خاصة في القانون الدوليالخاص تعد حديثة نسبيا، و بالتالي بدأ الفقه بمحاولة تأهيل مسألة التكييف و البحثعن أساسها و اختيار النظام الذي يحكمها فانشغل عن مسألة محل التكييف لكن مع تأكيدذاتية التكييف في القانون الدولي الخاص و بروز أهميته كان لزاما البحث عن حللمسألة محل التكييف.(3) و السؤال الذي يطرح هنا هو : ما الذي يتم إسناده أو ما هو موضوع قاعدة الإسناد؟لقد اختلف الفقه في الإجابة على هذه الأسئلة و ظهرت عدة اتجاهات في الصدد: أو لها يغلبالجانب القانوني و ثانيها يغلب الاتجاه الواقعي.(4)و عليه تتحول الأسئلة المطروحة إلى:ما هو محل التكييف اللازم لإعمال قاعدة الإسناد؟هل ينصب هذا المحل على المراكز الواقعية و العلاقات المادية الخالصة؟ أم يتعلقبالنصوص الموضوعية التي تستغرق هذه العلاقات و التي تتضمنها القوانين المتزاحمةلحكم المسألة محل المنازعة؟(5)ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):د زروتي الطيب-المرجع السابق-ص90
(2):د حفيظة السيد الحداد-الموجز في القانون الدولي الخاص-الكتاب الأول-المبادئ العامة في تنازع
القوانين-منشورات الحلبي الحقوقية-بيروت-لبنان-ط1-س2004-ص103
(3):د حفيظة السيد الحداد-المرجع السابق-ص104
(4):د عكاشة محمد عبد العال-تنازع القوانين-دراسة مقارنة-منشورات الحلبي
الحقوقية-بيروت-لبنان-ط1-س2004-ص103
(5):د زروتي الطيب-المرجع السابق-ص89
الصفحة:05
إذن و كما سبق الذكر الاتجاه الأول يغلب الجانب القانوني أي يجعل محل التكييف هو النصالموضوعي الذي يحكم النزاع، لكن هذا الاتجاه انقسم أيضا إلى ثلاثة آراء:فالبعض يرى أن التكييف ينصب على النظم القانونية، و البعض الآخر يرى أنه ينصب علىالعلاقات القانونية، أما الرأي الأخير فيرى تعلقه بالقواعد القانونية الموضوعية.فيكون تعريف التكييف وفق هذه الآراء:"تحديد طبيعة النظام القانوني"، أو "تحديد طبيعة العلاقة القانونية"،"تحديد طبيعة القاعدة الموضوعية"(1)أما الاتجاه الثاني الذي يجعل محل التكييف هو الواقعة أو المركز الواقعي فيعرف التكييفبأنه:" إعطاء الواقعة الطابع القانوني الذي يدخلها في طائفة معينة من طوائفالنظم القانونية التي خصها المشرع بقاعدة إسناد"(2)و بين الاتجاهين السابقين ظهر اتجاه توفيقي لا يرجع التكييف لأي من القانون أوالواقع منفردا و يجعل التكييف ينصب علىموضوع النزاع أو على المسألة القانونية التي يثيرها المركز الواقعي.(3)يعرف هذا الاتجاه الأخير التكييف بأنه" تحديد طبيعة المسألة التي تتنازعهاالقوانين و إعطائها الوصف القانوني الملائم لوضعها في نطاق طائفة من النظمالقانونية التي خصها المشرع بقاعدة إسناد معينة تمهيدا لإسنادها إلى قانونمعين"(4)يمكننا أخيرا أن نعرف التكييف في تنازع القوانين بأنه" عملية فنية تستهدف تحديدالطبيعة أو الوصف القانوني للمسألة التي تثيرها وقائع المنازعة ذات العنصر الأجنبي،و ذلك بغية إدراجها في طائفة معينة من طوائف العلاقات القانونية التي وضع لهاالقانون قاعدة تنازع"(5)ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):د عكاشة محمد عبد العال-المرجع السابق-ص104
(2):د زروتي الطيب-المرجع السابق-ص90
(3):د عكاشة محمد عبد العال-المرجع السابق-ص105
(4):د زروتي الطيب-المرجع السابق-ص90
(5):د أحمد عبد الكريم سلامة-القانون الدولي الخاص(الجنسية-الموطن-معاملة الأجانب-التنازع الدولي
للقوانين-المرافعات المدنية الدولية)-دار النهضة العربية-القاهرة-مصر-ط1-س200ص677
الصفحة:06
الفرع الثاني:أهمية التكييفتبدو أهمية التكييف في مجال القانون الداخلي بوصفه عملية أولية و لازمة لإخضاع التصرفأو الواقعة القانونية محل النزاع للنص القانوني الذي يحكم هذا التصرف أو تلكالواقعة.(1)و إذا كان للتكييف أهميته السابقة في القانون الداخلي، فإن أهميته تزداد بصفة خاصةفي مجال القانون الدولي الخاص، ذلك أن قواعد الإسناد لا تضع حلا لكل من المسائلالتي تطرح أمام القضاء على حدا، و إنما هي تضع حلا لكل طائفة ، مثلا القاعدة التيتقضي بإخضاع أهلية الأشخاص لقانون جنسيتهم تتضمن الأهلية كفكرة مسندة و ضابطالإسناد هو الجنسية.(2)إن اختلاف القوانين في تحديد الوصف القانوني للمسألة بسبب ذاتية تكييفات كل نظامقانوني و المفاهيم السائدة فيه يجعل تصرفا واحدا محلا لعدة تكييفات مختلفة(3)،فمثلا ما يعتبر من الشكل في بلد قد يعتبر من الأهلية في بلد آخر، و الواضح في مثالناأن كلا من الأهلية و الشكل يمثل فكرة مسندة متميزة عن الأخرى يحكم كل منهما ضابطإسناد معين.(4)إذن فكون التكييف يأتي كمرحلة أولية و ضرورية قبل الإسناد و كذا الاختلاف بينالتشريعات في وصف التصرفات القانونية هو الذي يكسب التكييف أهميته.(5)و بالدرجة الأولى فإن أهمية التكييف في القانون الدولي الخاص مستمدة من خصوصية وذاتية القواعد القانونية التي يستخدمها هذا القانون.(6)إذن فنقل مسألة التكييف إلى المجال الدولي أكسبها طابعا خاصا لأنها تلعب الدور الأكبرفي الطريق نحو تحديد القانون الواجب التطبيق.(7)إذن فخلاصة القول أن التكييف يكتسي أهميته لأن تحديد القانون الواجب التطبيق يقوم أصلاعلى التكييف.(ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):د عليوش قربوع كمال-المرجع السابق-ص93
(2):د هشام صادق-د حفيظة السيد الحداد-المرجع السابق-ص54
: د سعيد يوسف البستاني-القانون الدولي الخاص-منشورات الحلبي الحقوقية-بيروت –لبنان-ط1-س2004-ص131
(3):د زروتي الطيب-المرجع السابق-ص91
(4):د صلاح الدين جمال الدين-تنازع القوانين مقارنة بين الشريعة و القانون-ص55
(5):د زروتي الطيب-نفس المرجع و الصفحة
(6):د حفيظة السيد الحداد-المرجع السابق-ص96
(7):د عليوش قربوع كمال- نفس المرجع و الصفحة
(
:د ممدوح عبد الكريم-المرجع السابق-ص38
الصفحة:07
رغم الأهمية البالغة للتكييف في القانون الدولي الخاص إلا أن هذا لا ينفي وجود صعوباتتعرقل التكييف و التي سنبينها فيما يلي:إن صعوبة التكييف تتعاظم في القانون الدولي الخاص عنها في أي فرع من فروع القانونالأخرى و تنجم هذه الصعوبات عن اختلاف النظم القانونية فيما بينها في تحديدالأوصاف القانونية للمسائل، و إلى اختلافها في تحديد الطوائف التي يمكن رد هذهالمسائل إليها ، فما يعد وفقا لقانون دولة ما من آثار الزواج الشخصية قد يعتبروفقا لقانون دولة أخرى من الأهلية ، و ما قد يعتبر في دولة ما من الشروط الموضوعيةللزواج قد يعد في دولة أخرى الشروط الشكلية للزواج.و يترتب على اختلاف النظم القانونية في تحديد الوصف القانوني لنفس المسألة أن تكتسبمشكلة تنازع القوانين التي قد تثور بصدد هذه المسألة بعدا إضافيا أو صعوبة إضافية،ذلك أن النزاع ذو الطابع الدولي الذي يثور بصدد هذه المسألة لا يثير تنازعا بينقوانين الدول حول القانون الذي يتعين أن تخضع له هذه المسألة فقط بل إنه يثير أيضاتنازعا بين هذه القوانين حول القانون الذي يتعين أن يتجدد بمقتضاه الوصف القانونيلها، و الذي يتم عن طريق رد المسألة إلى طائفة قانونية معينة خصها المشرع بقاعدةإسناد.المطلب الثاني: نشأة التكييفنعرض في هذا الصدد لبعض القضايا التقليدية المعروفة في القانون الدولي الخاص التي فصل فيهاالقضاء الفرنسي لاستجلاء ماهية التكييف، أهميته و بدرجة أكبر نشأتهاالفرع الأول: وصية الهولندي و ميراث المالطي وصية الهولندي: تتلخص وقائع القضية في أنهولنديا كتب وصيته في فرنسا بخط يده طبقا لأحكام المادة999 مدني فرنسي التي تجيزللفرنسي و لو كان بالخارج أن يكتب وصية عرفية، توفي الهولندي و طعن ورثتهالهولنديون ببطلان الوصية طبقا لأحكام المادة 992 مدني هولندي التي تشترط الكتابة الرسميةلصحة الوصية و نفاذها بل و أكثر من ذلك تعتبر الشكل الرسمي للوصية مكملا للأهلية ،عرض النزاع أمام محكمة فرنسية فوجدت نفسها أمام مشكلة في التكييف(.(1 لحلالمشكل يجد القاضي نفسه أمام فرضين ، فإما أن يطبق قاعدة الإسناد القاضية بأنالكتابة من الشكل و بالتالي خضوعها لقانون موقع الإبرام أي القانون الفرنسي ممايترتب عليه صحة الوصية و نفاذها، أو أن يطبق التكييف الهولندي الذي يعتبر الكتابةالرسمية من متممات الأهلية و بالتالي خضوعها لقانون الجنسية أي القانون الهولندي وبالتالي بطلان الوصية.(2)ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):Marie
Christine-droit international privé-garaude-édition 2-2008-p68
د غالب علي الداودي-د حسن محمد الهداوي-القانون الدولي الخاص-ج1-ص67
(2):د أعراب لبقاسم- القانون الدولي الخاص الجزائري-ج1تنازع
القوانين-دار هومه-الجزائر-س2003-ص77
الصفحة:08
ميراث المالطي: تتلخص وقائع القضية في أنزوجان مالطيان قدما للعيش في الجزائر أثناء الاستعمار الفرنسي، تملك الزوج عقاراتفي الجزائر و بعد وفاته طالبت الزوجة أمام محكمة الاستئناف بحقها في ميراث زوجهاعلى أساس قاعدة(نصيب الزوج الفقير)(1) و هو نظام معروف في القانون المالطي دونالقانون الفرنسي الذي لم يكن يعترف للزوجة آنذاك إلا بحق اقتسام الأملاك المشتركةو استرداد أملاكها الخاصة(2)، في هذه الحالة أيضا يجد القاضي نفسه أمام مشكلة فيالتكييف، فإما أن يكيف طلب المرأة على أساس أنه من قبيل الميراث المتعلق بالعقار وبالتالي يطبق قانون موقع العقار و في هذه الحالة القانون الفرنسي و بالتالي يرفضطلب الزوجة، و إما أن يكيف الواقعة على أساس أنها من النظام المالي للزوجين الذييدخل في طائفة الأحوال الشخصية و يحكمها قانون الجنسية و هنا القانون المالطي وبالتالي يلتزم القاضي بالاعتراف للزوجة بحقها في تركة الزوج المتوفى(3) الفرع الثاني:زواج الفرنسي و زواج اليونانيv زواج الفرنسي:تتلخص وقائع القضية في أن شابافرنسيا قاصرا(19ستة)انتقل إلى انجلترا و تزوج هناك من إنجليزية دون حصوله علىموافقة الأب التي تشترطها م148 مدني فرنسي و التي تفرض موافقة الأب على زواج ابنهإذا كان عمره أقل من (25سنة)، مباشرة بعد رجوع الزوج الفرنسي إلى فرنسا سارعللمطالبة ببطلان الزواج أمام المحاكم الفرنسية على أساس أنه خالف المادة السالفةالذكر، فوافقت المحكمة الفرنسية على طلبه و أبطلت الزواج، تزوج الزوج مرة ثانية منفرنسية و كذلك زوجتة الإنجليزية تزوجت من إنجليزي، لما علم هذا الأخير بالزواجالأول طالب المحاكم الإنجليزية بإبطال الزواج الثاني على أساس أن الزواج الأوللازال قائما وفقا للقانون البريطاني، و وافقت المحكمة على طلبه منعا لتعددالأزواج(4) نلاحظ إذن في هذه القضية تضاربا في الأحكام و مرد هذا الاختلاف راجعإلى اختلاف في التكييف ، فالقانون الفرنسي يعتبر موافقة الأب من متممات الأهليةالتي لا يتم الزواج بدونها و عليه يحكمها قانون الجنسية أي القانون الفرنسي و علىهذا الأساس حكم القاضي الفرنسي ببطلان الزواج، أما القانون الإنجليزي فيعتبرموافقة الأب من الأشكال الخارجية التي تخضع لقانون محل الإبرام أي القانونالإنجليزي و على هذا الأساس حكم بصحة الزواج الأول و استمراره.(5)ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):د ممدوح عبد الكريم-المرجع السابق-ص41
(2):د زروتي الطيب-المرجع السابق-ص92
(3):دغالب علي الداودي-د حسن محمد الهداوي-المرجع السابق-ص69
(4):د ممدوح عبد الكريم-المرجع السابق-ص39
(5):د زروتي الطيب-المرجع السابق-ص93
الصفحة:09
v زواج اليوناني الأرثودكسي: تتمثل وقائع القضية في أنيونانيا تزوج في فرنسا من فرنسية طبقا للشكل المدني المعمول به في فرنسا، فطعنأولياؤه اليونانيون ببطلان هذا الزواج على أساس أنه لم يتم وفقا للشكل الديني الذييشترطه القانون اليوناني لصحة الزواج(1) و هنا كان أمام القاضي حلين : إما أن يكيفالشكل الديني على أنه من الأشكال الخارجية التي تخضع لقانون محل الإبرام أيالقانون الفرنسي و بالتالي صحة الزواج ، أو أن يكيفها على أساس أنها من الشروطالموضوعية لعقد الزواج و بالتالي تدخل في الأحوال الشخصية التي يحكمها قانونالجنسية أي القانون اليوناني و بالتاليبطلان الزواج.(2)بالإضافة لحالات الاختلاف في التكييف التقليدية و التي ذكرناها في الأمثلة السابقة هناكحالات أخرى يمكن أن ندرجها باختصار:· في بعض الدول مثل أمريكا يكيفالتقادم بمرور الزمن على أنها مسألة أصولية تخضع للقانون الأمريكي، في حين بعضالدول الأوربية تكيفها على أنها مسألة موضوعية جوهرية تخضع للقانون الذي يحكم أساسالنزاع.· دعوى إثبات نسب المولود من زواجغير شرعي تكيف في بعض القوانين على أساس الفعل غير المشروع الذي يخضع لقانون وقوعالفعل، بينما تكيفها قوانين أخرى على أنها من الحقوق العائلية التي تخضع لقانونالجنسية.· يكيف التعويض عن فسخ الخطبة فيبعض القوانين على أساس المسؤولية التقصيرية و يخضع لقانون وقوع الفعل الضار ،بينما يكيف في قوانين أخرى من الحقوق العائلية التي تخضع لقانون الجنسية.· الحضانة تكيف في بعض القوانينعلى أنها من آثار الزواج و تخضع لقانون الدولة التي ينتمي لها الزوج أثناء عقدالزواج ، بينما تكيفها قوانين أخرى على أنها من آثار الطلاق و تخضعها لقانونالدولة التي ينتمي لها الزوج أثناء رفع دعوى الطلاق، في حين تكييفها قوانين أخرىعلى أنها من الولاية على النفس و تخضعهالقانون من تجب حمايته أي قانون جنسية المحضون.(3) عليه يمكننا القول من خلال الأمثلة السالفة أنتحديد القانون الذي يحكم النزاع يختلف باختلاف القانون الذي يحكم التكييف، و عليهفإنه من الضروري تحديد القانون الذي يتم وفقه التكييف لنصل إلى تكييفات متطابقة.لكن اختلفت الآراء الفقهية في هذا الصدد و اختلفت تبعا لها واقف التشريعاتالوضعية(4)، سنعرض أهم هذه الآراء في المبحث الثاني من بحثنا.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):د زروتي الطيب-المرجع السابق-ص93
Marie Chrisine-m o-p69
(2): د
أعراب بلقاسم-المرجع السابق-ص 78
(3):- غالب علي الداودي—حسن محمد
الهداوي-ص70
(4):د أعراب بلقاسم –المرجع السابق-ض78
الصفحة:10