1- مرحلة الاحتلال الفرنسي:
لقد امتد تطبيق النظام القانوني الفرنسي إلى الجزائر، فطبق فيها القضاء الإداري الفرنسي بكل تطوراته إذ عرفت الجزائر خلال هذه الفترة نظام الازدواجية القانونية و القضائية حيث وجد نظام القانون و القضاء الإداريين إلى جانب القضاء العادي، و لهذا أنشئت في الجزائر بموجب المرسوم الصادر في 30/09/1953 المتضمن إعادة تنظيم جهة القضاء في فرنسا، ثلاث محاكم إدارية في الجزائر العاصمة و وهران و قسنطينة، تختص بالنظر و الفصل في المنازعات الإدارية و يكون الطعن في أحكامها بالاستئناف و بالنقص أمام مجلس الدولة الفرنسي في باريس.
و كانت هذه المحاكم تطبق مبادئ و أحكام نظرية القانون الإداري الفرنسي، كما هو الحال في فرنسا (أي ازدواجية القانون و القضاء).
2- مرحلة الاستقلال:
لقد اتخذ التنظيم القضائي في الجزائر بعد الاستقلال وضعا خاصا و مميزا بين نظام وحدة القضاء و ازدواجيته حيث خطأ نحو الوحدة مبتعدا تدريجيا عن الازدواجية، كمرحلة انتقالية بقيت المحاكم الثلاثة المذكورة أعلاه صاحبة الاختصاص العام في الفصل في القضايا و المنازعات الإدارية، مطبقة في ذلك قواعد نظرية القانون الفرنسي بالرغم من النقص الشديد في الإطارات (القضاة المختصين) المتخصصة في القانون و المنازعات الإدارية.و بإنشاء المحكمة العليا سنة 1963 كمحكمة نقض بالنسبة للقضاء العادي، و بالنسبة للقضاء الإداري عن طريق الغرفة الإدارية الموجودة بالمحكمة العليا كجهة نقض للمنازعات الإدارية تكون الجزائر خطت خطوة كبيرة نحو وحدة القضاء و الدليل على ذلك الأمر 65/278 الصادر بتاريخ 16/11/1965 المتضمن التنظيم القضائي في الجزائر، حيث نصت المادة (5) منه على: " تنقل إلى المجالس القضائية اختصاصات المحاكم الإدارية ....". و هكذا تقرر أسلوب الغرفة الإدارية داخل المجلس القضائي، و المحكمة العليا، لتختص بالنظر و الفصل في القضايا و الخصومات الإدارية، و وجود هذه الغرف لا يعطيها صفة المحاكم الإدارية المتخصصة ، فهي مجرد غرفة داخل المجلس القضائي مثلها مثل بقية الغرف الأخرى، إلا أنها تختلف عنها في كونها تختص بالنظر و الفصل كأول درجة في المنازعات الإدارية و يكون الاستئناف و النقص أمام المحكمة العليا.
و الملاحظة أن الجزائر أخذت بنظام وحدة القضاء و وحدة القانون المرن، إذ أن وجود أسلوب الغرفة الإدارية بالمجلس القضائي و بالمحكمة العليا يلطف؟، و يخفف من جهود نظام وحدة القانون و القضاء.
غير أنه غي السنوات الأخيرة بدأ الاتجاه نحو العمل بنظام الازدواجية المرن يظهر، و أنشئ مجلس الدولة كهيأة مقومة للقضايا الإدارية، حيث تنص الفقرة (2) من المادة 152 من دستور 28/11/1996 على ما يلي: " ...... يؤسس مجلس دولة كهيأة مقومة لأعمال الجهات القضائية الإدارية" .