إن للطموح حقيقة لو أدركناها لسعدت بنا الأرض و سعتنا الدنيا طولا بعرض.
ليس الطموح من تمنى و قعد ونسج الآمال طويلة ثم رقد،و ليس هو من عمل الليل و النهار دون تدبير واعتبار ، فمثل الأول كالراعي صاحب الجرة أضاع رأس ماله بحمق رأس احتياله ، فكان عبرة لغريق الآمال و صريع التفكير في الشهرة و المال ،ولا يدفعه من ذلك أمل للمبادرة بعمل .
حال هذا يذكرني بقول رسول الله -صلى الله عليه و سلم- " الكيس من دان نفسه وعمل ليوم غد و الأحمق من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني"، فأنى لهذا الأحمق المتمني أن ينجح أو ينعم بخير الدنيا أو الآخرة ..؟ فأمثاله ألهتهم شهوة الكلام عن تحقيق الأحلام،
فلا تراهم ينشطون إلا لهذا ، أما إن دعوتهم للعمل فهم الكسالى الخاملون و الضعفاء العاجزون،يسمعك أحدهم ألف اعتذار فما تملك غير تصديقه دون إنكار،كيف لا؟ وهم أهل هذا الفن و خاصته
أما الثاني فهو كمن يدور في حلقة مغلقة لا يبدأ إلا لينتهي حيث بدأ، ويمضي عمره هكذا،
يعيش يومه دون تفكير في غده بل ولا ماضيه، شخص يحبس حياته في لحظة يلغي فيها
أمسه وغده، فان عاشها حلوة فهي كذلك، و إن حدثتهم عن الأهداف و الطموحات وعن التفكير في الآخرين ممن حولهم نظر إليك نظرة المغشي عليه، لأن التفكير أشد ما يلاقيه،
فقد تعلم كيف يحرك العضل لا أن يدير الفكر والعقل،بعبارة أخرى آلة في صورة إنسان،
لا يعمل إلا بالقدر الذي يبقيه حيا.ليس في هذا عجبا إن كان من عامة الناس لكن عجبي من أهل الشهادات أو المحسوبين على العلم و الثقافة –النخبة- حين أراهم بحال أولئك،
أمثلهم طريقة الذي لا يدرس ألا لينجح ألا ليوظف ولا يشغل وظيفة إلا ليكسب راتبا قل
أو كثر مقابل خدماته التي ما تلبث أن تصبح روتينا قاتلا، لا يزيد إلا بنقصه ، فهؤلاء لا تنهض لهم همم و لا تسعد بعملهم أمم.