إذا كانت الديمقراطية بمفهومها الواسع تعني حكم الشعب ومن اجل الشعب،فإن
الانتخاب هو الوسيلة التي من خلالها يمكن الوصول إلى مبتغى حكم الشعب لفرز
أفضل العناصر الكفؤة ليكونوا ممثلين مخلصين ينفذون ما يطمح إليه الشعب .
1- معنــى :
الانتخاب
يعني مكنة المواطنين الذين تتوفر فيهم الشروط القانونية من المساهمة في
اختيار الحكام وفقا لما يرونه صالحا لهم . وفكرة الانتخاب هي ليست
بالغائرة في جذور التاريخ ،إنما هي حديثة التأسيس والصياغة . وأول ما ظهرت
في انكلترا اثر نشوب الخلاف التاريخي بين النبلاء وممثلي المدن ، مما أدى
إلى قيام ممثلي المدن أن يعقدوا اجتماعاتهم في قاعة منفصلة ومارسوا أولى
خطوات الانتخابات باختيارهم رئيس لمجلسهم لإدارة الجلسات والتحدث أمام
الملك.
2- طبيعة الانتخاب :
أثير جدل فقهي وسياسي حول الطبيعة القانونية للانتخاب ، لذلك ظهرت عدة اراء متباينة حاولت معالجة طبيعة الانتخاب
*
الانتخاب حق شخصي : أي انه حق لكل فرد في المجتمع ، ويترتب على ذلك تطبيق
مبدأ الاقتراع العام أي مساهمة جميع أفراد المجتمع البالغين سن الرشد في
الانتخاب .لكن وعلى اثر اعتبار أن الانتخاب حق شخصي يجب الانتباه إلى
الحقيقة التالية ، فما دام انه كذلك فلا يمكن إلزام الفرد بأي التزام كان
. فهو حر في أن يمارس هذا الحق ويشترك في العملية الانتخابية أو أن يمتنع
عن ذلك و يهمل ممارسة حقه ويلاحظ أن هذا المبدأ ينسجم مع السيادة الشعبية .
*
الانتخاب وظيفة اجتماعية : ظهر هذا الرأي بعد قيام الثورة الفرنسية عندما
نادت الطبقة البرجوازية الفرنسية بمبدأ سيادة الأمة بدلا من مبدأ السيادة
الشعبية . و بالتالي فان الأفراد الذين يمارسون عملية التصويت والانتخاب
إنما يقومون بذلك نيابة عن الأمة ويؤدون وظيفة اجتماعية ، وهم لايحصلون
على هذا الحق ( حق تأدية الوظيفة وممارسة عملية الانتخاب ) إلا من خلال
الدستور ومن القوانين التي لا تعترف بهذا الحق إلا لمن تراهم أهلا لذلك .
ويلاحظ كذلك أن باستطاعة تلك القوانين أن تجعل من عملية التصويت هذه
إلزامية وكذلك يمكن فرض عقوبات إذا اقتضت الحاجة عند عدم التقيد بهذه
العملية
* الانتخاب سلطة قانونية : يرى الكثير من الكتاب بان
الانتخاب ليست بالحق الشخصي ولا بالوظيفة الاجتماعية ، إنما هو سلطة
قانونية يؤسسها وينظم قواعدها الدستور ويوضح آليات تطبيقها لأجل أن يشترك
المواطن في اختيار ممثليه والحكام . في الجزائر أن مبدأ الانتخاب العام هو
مبدأ راسخ في الفكر السياسي و هذا ما نصت عليه دساتير الجزائر.
3- هيئــــــــة الناخبين :
يقصد
بهيئة الناخبين مجموعة المواطنين الذين يحق لهم المساهمة في الانتخاب
ومجموعة الشروط التي تتطلبها قوانين الانتخاب والتي يجب توافرها في كل
ناخب ويلاحظ ان تحديد حجم هيئة الناخبين يتوقف على الفلسفة التي يعتمدها
المشرع عند وضع قانون الانتخاب :
* العمر: لقد استقر الرأي الذي يقول
ان بلوغ سن الرشد ( المدني ) يخول الإنسان ممارسة جميع التصرفات القانونية
والتي ترتب له حقوق وعليه التزامات ، فأصبح من البديهي والحال هذا أن يكون
سن الناخب وكحد ادنى أن يكون قد بلغ سن الرشد القانوني ، لكن يلاحظ وفي ظل
الكثير من القوانين الانتخابية تحديد سنا( سياسيا ) يختلف عن سن الرشد
المدني ويجب على الناخب بلوغه ليتسنى له المساهمة في عملية التصويت وهذا
السن السياسي يزيد من عمر الناخب عن السن المدني .
* قيد الجنس : ظلت
النساء محرومات من حق الانتخاب لفترة طويلة من الزمن وهذه الظاهرة موجودة
حاليا في العديد من البلاد ومنها مثلا الكويت على سبيل المثال لازالت تحرم
على المرأة مزاولة حق الانتخاب والترشح لمجلس الأمة .
* التعليم :
تشترط بعض القوانين أن يكون الناخب على درجة معينة من التعليم ليتسنى
الدخول بالعملية الانتخابية وبهذا يتم استبعاد الأميين عن الانتخاب ، مثل
البرتغال وشيلي والفلبين .
* العنصر ، الثروة : هذان القيدان أصبحا لا
مكان لهما في الوقت الحاضر ، وكانت آخر التجارب في دولة جنوب إفريقيا حيث
كان نظام الفصل العنصري لا يسمح للأفارقة ذات البشرة السوداء من ممارسة
حقهم بالانتخابات .
الشروط الواجب توافرها بهيئة الناخبين :
*
الجنسية : تشترط جميع القوانين الانتخابية في العالم تقريبا أن يكون
الناخب من مواطني الدولة ، أي حاملا لجنسيتها ، وتمنع الأجنبي المقيم على
أراضيها من المشاركة في التصويت .
* الأهلية العقلية : يجب أن يكون
الناخب متمتعا بكامل قواه العقلية ، ولكي لا يساء هذا الحق لابد أن يثبت
الجنون أو العته بحكم قضائي سابق ليوم الانتخاب .
- وبعد حصر الأسماء
والذين تنطبق عليهم الشروط التي اقرها القانون يتم إعداد قوائم أو جداول
انتخابية تتضمن تلك الأسماء وتعلق في أماكن يتمكن المواطن البسيط من
الوصول إليها قبل إجراء كل عملية انتخابية ، وتسجل الاعتراضات خلال مدة
معقولة يحددها قانون الانتخاب وأمام الجهة التي أوكل لها هذه المهمة .
ويكون الاعتراض سلبيا أو ايجابيا ، فالاعتراض السلبي يكون على شخص قد تم
إدراجه ضمن قوائم الناخبين بهدف استبعاده لعدم توفر شرط أو مجموعة من
الشروط فيه ، أما الاعتراض الايجابي فيتضمن طلب إدراج اسم لم يتم تضمينه
الجدول لأي سبب كان .
4- أنواع الانتخاب :
-الانتخاب العني و
السري: إن الاختيار بين سرية الاقتراع او علنيته ذو علاقة مباشرة مع
الديمقراطية لان العلنية تعني ارتباط الناخب بالديمقراطية و تجعله يظهر
شجاعته المدنية و تحمله للمسؤولية . غير أن العلنية تتضمن مخاطر من شانها
التأثير على إرادة الناخب و جعله عرضة للرشوة و التهديد ، خاصة في أنظمة
الحكم الاستبدادية او الأنظمة ذات الحزب الوحيد ، وقد تؤدي علنية الاقتراع
إلى ارتفاع نسبة الممتنعين ، لذلك تميل معظم قوانين الانتخاب الى سرية
الاقتراع .
- الانتخاب الإجباري و الانتخاب الاختياري : الجدل مازال
قائما بين مؤيدي الاقتراع الإجباري و مؤيدي الاقتراع الاختياري ، فالأول
يعتبرون أن الاقتراع واجب و ليس حقا ، بينما يعتبر مؤيدو الاقتراع
الاختياري أن الاقتراع حق يجيز لصاحبه عدم استعماله ، وفي بعض البلدان مثل
بلجيكا و استراليا و اللكسمبورغ نصت دساتيرها على اعتماد الاقتراع
الإجباري .
- الاقتراع المقيد و العام : إن الاقتراع المقيد يعني
النظام الذي يشترط في الناخب توافر قدر معين من الثروة أو التحصيل العلمي
، وبالتالي يحرم من الانتخاب من لا يتوفر فيه ذلك (هذا النظام يحد من
الحقوق السياسية للمواطنين ).
أما الاقتراع العام هو النظام الذي لا
يشترط على الناخب توافر نسبة معينة من المال و التعليم بل يقرر المساواة
بين الناخبين ، وهو منتشر في غالبية النظم الانتخابية الحالية ، فهو يحقق
مبدأ حكم الشعب كما يكفل حرية الناخبين .
- الانتخاب المباشر والانتخاب
غير المباشر: حيث يكون الانتخاب مباشراً عندما يقوم الناخبون بانتخاب
النواب من بين المرشحين مباشرة وهو ما يسمى بالانتخاب على درجة واحدة، أما
الانتخاب غير المباشر فهو الذي يتم فيه الانتخاب على درجتين حيث يقوم
الناخب بانتخاب مندوبين ليقوم هؤلاء المندوبون بعد ذلك بمهمة انتخاب أعضاء
البرلمان أو الحكام ولهذا فأنه قد يتم على ثلاث مراحل أو درجات عندما يقوم
النواب بانتخاب الحكام. و الجزائر تأخذ بالاقتراع المباشر.
- الانتخاب
الفردي والانتخاب بالقائمة: يكون الانتخاب فردياً عندما يتم تقسيم الدولة
إلى عدة دوائر انتخابية لعدد النواب المراد انتخابهم بحيث يكون لكل دائرة
انتخابية نائب واحد ولا يجوز للناخبين أن ينتخبوا أكثر من مرشح واحد أما
الانتخاب بالقائمة فهو النظام الذي يميل إلى تقليص عدد الدوائر الانتخابية
مع تخصيص عدد من النواب يجري انتخابهم في قائمة أسماء المرشحين وفقاً
للعدد الذي يحدده قانون الانتخاب ويمكن الأخذ بالقائمة المغلقة عندما يطلب
من الناخبين التصويت على القائمة كلها دون تغيير أو تعديل في حين توجد
قوانين انتخابية تعطي الناخب الحق في تشكيل قائمته هو من أسماء يتم
اختيارهم من عدة قوائم.لقد عمل بنظام القائمة بالنسبة للانتخابات البلدية
في انتخابات جوان 1990.