المبحث الأول
التطور التاريخي لنظام الموظف الدولي
مرّ نظام الموظف الدولي بالعديد من المراحل التاريخية الهامة حتى اكتمل نموه واستوى بنيانه، إذ منذ بداية اهتمام الجماعة الدولية بظاهرة المؤتمرات الدولية ودخولها في تكتلات واتحادات، بدأ مفهوم الموظف الدولي في الانتشار كأداة يعتمد عليها في تسجيل وضبط ما يدور في أروقة هذه الاتحادات والمؤتمرات، ثم تطور نظام الموظف الدولي بصورة كبيرة في ظل مرحلة التنظيم الدولي، حيث عرفت الجماعة الدولية الموظفين الدوليين الدائمين الذين يعملون لصالح المنظمة ويسعون لتحقيق أهدافها وغاياتها( ).
وعند تتبعنا لهذه المراحل، نجد أنها بدأت بمرحلة ما قبل التنظيم الدولي والتي تضم عصر المؤتمرات الدولية، وعصر الاتحادات والمكاتب الإدارية وصولاً إلى مرحلة التنظيم الدولي، التي اكتملت فيها القواعد الخاصة بنظام الموظف الدولي، وتضم هذه المرحلة عصر عصبة الأمم، وعصر الأمم المتحدة.
لهذا فإننا سنتناول مراحل تطور نظام الموظف الدولي كالآتي:
المطلب الأول
مرحلة ما قبل التنظيم الدولي
بدأت هذه المرحلة من مراحل تطور نظام الموظف الدولي في الفترة من سنة 1850 حتى سنة 1919مسيحي( )، وقد تميّزت هذه المرحلة بعقد العديد من المؤتمرات الدولية، إضافةً إلى إنشاء اتحادات دولية كوسيلة لتنظيم بعض المرافق ذات الصلة بالمصالح الدولية المشتركة.
أولاً: عصر المؤتمرات الدولية
مثلت سياسة المؤتمرات إحدى الوسائل التي لجأت إليها الدول لبحث الأمور التي تهمها وتحقيق مصالحها المشتركة، وكذلك لحل منازعاتها وتسوية الخلافات بينها، ربما لأن هذه المؤتمرات كانت وسيلة للتفاوض المباشر ومواجهة بعضها ببعض.
بناء على ما تقدم كان من الطبيعي أن تستعين الدول بعددٍ من الموظفين أثناء عقد المؤتمرات الدولية للإشراف على أعمالها وتسيير مهامها، وإن كان هؤلاء الموظفين من رعايا الدول المشاركة في المؤتمر ممن يحملون جنسيات تلك الدول المشاركة، إلا أن أكثرهم كان من حاملي جنسية الدولة المضيفة وذلك لسهولة تعيينهم وطلبهم( ).
أما فيما يتعلّق بوظيفة الأمين العام للمؤتمر، فقد كان يجري العمل على أساس أن الدولة المضيفة للمؤتمر هي التي تقوم بتعيين الأمين العام للمؤتمر من بين موظفيها الدبلوماسيين بعد القيام بمداولات غير رسمية مع رؤساء الوفود المختلفة للحصول على موافقتها على شخصه، ومن ذلك أن موظفا ً)دبلوماسياً( إنجليزياً قام بالعمل كأمين عام لمؤتمر لندن عامي 1867 – 1871 مسيحي( ).
لعل ذلك يرجع إلى أسباب تتعلق بالمجاملة الدولية للدولة المُضيفة ولأسباب عملية تتعلق بسهولة أداء الأمين العام للوظائف المُحدّدة له، حينما يكون من جنسية الدولة المُضيفة، لا سيما وأنّ هذه الوظائف كانت إدارية بحتة، تتعلق بتزويد المؤتمر بما يتطلّبه من دراسات وأبحاث، وتقديم التسهيلات المكتبية والخدمية الأمر الذي يتطلّب سهولة الاتصال بالسلطات والهيئات المحلية المختلفة لتنفيذ ذلك من ناحيةٍ أخرى كان الأمين العام للمؤتمر الدولي يقوم بصفته رئيساً لهيئة الأمانة العامة بتنظيم عملها والإشراف على أعمال أعضائها فنياً، بالرغم من أنّه لم يكن له دخلٌ في مُعظم الأحوال في تعيينهم( ).
ومع تطوّر العلاقات الدولية إلى علاقاتٍ تهدف إلى معالجة ورعاية مصالح دولية مُشتركة تطوّر تبعاً لذلك دور الأمانة العامة لهذه المؤتمرات، فلم يعد دورها عادياً ونظرياً مُجرداً، وإنما أصبح لها دوراً عملياً وتنفيذياً في هذا المجال، وقد دعا ذلك إلى الاستعانة بعددٍ كبير من الموظفين من دولٍ أخرى، بالإضافة إلى الموظفين التابعين لدولة المقر( ). من الأمثلة البارزة على ذلك، أمانة مؤتمر لاهاي المنعقد في عام 1907 مسيحي، والتي تكونت من كثر من 25 موظفاً، تم تعيينهم بمعرفة الدول الأعضاء وكان هؤلاء هم نواة نظام الموظّف الدولي بشكله الحالي( ).
لكنّ هؤلاء الموظفين بما فيهم الأمين العام للمؤتمر لم يتمتعوا بأي استقلال ذاتي، بل ظلوا خاضعون لقوانين دولهم، ومسئولون أمامها عن أعمالهم، فضلاً عن أنهم يتقاضون رواتبهم ومكافآتهم منها، كما أن أعمالهم كانت مؤقتة تنتهي بانتهاء المؤتمر مما يعني رجوعهم إلى أعمالهم الأصلية في حكوماتهم داخل دولهم بعد انتهاء المؤتمر( ).
ثانياً: عصر الاتحادات والمكاتب الإدارية الدولية
لكن هذا الوضع لم يدم طويلاً حيث أدت حاجة الدول المتزايدة إلى التعاون كوسيلة لتنسيق أعمالها في سبيل الأهداف المشتركة من جانب، والاستقرار الإداري لخدمة هذه الأعمال من جانب آخر إلى ظهور هيئات دولية خاصة وعامة لإدارة ومعالجة ما بين الدول من مصالح مشتركة دائمة، كما حدث بالنسبة لشركات السكك الحديدية واللجان النهرية الدولية كلجنة الراين عام 1804 مسيحي واللجنة الأوروبية للدانوب عام 1856 مسيحي( ).
وقد كان لهذه اللجان النهرية هيئة دائمة يتم تعيين مديرها العام بالاتفاق بين الأطراف المتعاقدة، وبالتالي كانت مسئوليته أمامهم جميعاً، وليست أمام حكومته فحسب، ومن جهة أخرى فقد كان يتم اختيار كبار موظفي هذه اللجان بالأغلبية البسيطة لأصوات ممثلي الدول الأعضاء وبدون النظر إلى جنسياتهم( ).
أعقب هذه اللجان ظهور الاتحادات الدولية والمكاتب الإدارية التي كانت بمنزلة النواة لظهور المنظمات الدولية فيما بعد، والتي اعتمدت في ممارستها لأنشطتها على لفيف من الموظفين، ومن أمثلة هذه الاتحادات والمكاتب الإدارية المكتب الدولي للمواصلات الحديدية، الذي أُنشئ في بون عام 1893 مسيحي والمكتب الدولي للموازين والمقاييس الذي أُنشئ في عام 1975 مسيحي، بُغية تسهيل المبادلات التجارية والاقتصادية بين الدول، والاتحاد الدولي للتلغراف عام 1865مسيحي، واتحاد البريد الدولي عام 1874 مسيحي، والاتحاد الدولي لنشر التعريفات الجمركية في بروكسيل عام 1890 مسيحي( ).
لقد كان لكلٍ من هذه الاتحادات أمانة دائمة يُطلق عليها اسم المكتب ويضم عدداً من الموظفين يرأسهم مُدير عام يتم تعيينه بالاتفاق بين الدول، وكان أعضاء هذه المكاتب يُمثّلون الإدارة المشتركة للدول الأعضاء، ويتمتّعون بالحياد والاستقلال في ممارستهم لأعمالهم، حتى ترتب على هذا الوضع تطوير وصف المكاتب بأنها أجهزة دولية ذات نشاطٍ محدود، وقد ساعد هؤلاء الموظفين الاتحادات الدولية على أداء دورها على أكمل وجه، هذا وقد بلغ عدد هذه الاتحادات حوالي 122 اتحاداً دولياً عام 1919 مسيحي، كما عرفت تلك الاتحادات بأنها معاهدات مُنظّمة( ).
بالرغم من استقلالية تلك المكاتب إلا أن هذه الاستقلالية كان يرد عليها بعض القيود، وهي أن هذه المكاتب في كثير من الأحيان كانت تُعدّ جزءاً من الإدارة الوطنية لدولة المقر، وذلك بسبب قيامها بدفع مصروفاتها ثم مُطالبة الدول الأعضاء بذلك فيما بعد، كما أنها تُخصّص بعض موظفيها للقيام بأعمال الاتحاد اللازمة لتسييره وذلك بتكليف من الدول الأعضاء، وإن كانت هذه الأخيرة تُعير بعض موظفيها هي الأخرى للعمل في مكتب الاتحاد ولكن بعد مشاورة الدولة المُضيفة، إضافةً إلى أنّ مُوظّفي المكتب يُطبّق عليهم قانون دولة المقر الذي لا يُعطيهم أي امتيازات أو حصانات، مما يجعلهم خاضعين لحكوماتهم الوطنية، ولعلّ هذا ما يؤكد عدم وجود شخصية مُستقلّة للاتحادات عن الدول الأعضاء( ).
وهكذا يُمكن القول، بصفةٍ عامة، أن التجمعات الدولية التي ظهرت في هذه المرحلة في صورة مؤتمرات ولجان واتحادات دولية لم تكن مُنظّمات دولية بالمعنى الدقيق لهذا الاصطلاح كما نعرفه اليوم، إذ لم تتمتع بالشخصية القانونية المستقلة أو باختصاصات تُشكّل قيوداً على سيادة الدول الأعضاء فيها، بل كانت مُجرّد إدارة تنسيق بينهما( ). ومع ذلك فقد كشف التطوّر الذي مرّت به الوظيفة الدولية في هذه المرحلة عن تدعيم ورسوخ دعائم ومدلول هذه الوظيفة على الساحة الدولية، وكانت التجربة التي أكدت ذلك هي تلك التي مرّ بها المعهد الدولي للزراعة بروما الذي أُنشئ سنة 1905 مسيحي، فقد اعترفت دولة المقر (إيطاليا) لموظفي المعهد بالعديد من الحصانات والامتيازات التي جعلت موظفي المعهد، أياً كانت جنسياتهم، بمنأى عن الخضوع لسلطة أية دولة بما فيها دولة المقر، وكذلك الاعتراف لموظفي الاتحاد الأمريكي (بواشنطن) بالعديد من الحصانات والامتيازات منذ إنشائه عام 1899 مسيحي، حيث نصّت المادة الثانية من لائحته الداخلية على أنّ موظفي المعهد مسئولون شخصياً أمام رؤسائهم فحسب، وحظرت عليهم تلقي أية تعليمات ممن عداهم( ).
المطلب الثاني
مرحلة التنظيم الدولي
بدأت هذه المرحلة مع نهاية الحرب العالمية الأولى، ولا زالت مستمرة في تطوراتها حتى الآن. ولم يعد التعاون بين الدول في هذه المرحلة قاصراً على المجالات الفنية أو الاقتصادية عن طريق الاتحادات الدولية، وإنما امتد التعاون ليشمل جميع الميادين والمجالات الحياتية وخاصة السياسية منها لصالح الأسرة الدولية، وقد تمّ ذلك بواسطة المنظمات الدولية( ).
وقد لعبت هذه المنظمات دوراً بارزاً في تطوير الوظيفة الدولية، ومن أهمها منظمة عصبة الأمم ومنظمة الأمم المتحدة، حيث أصبح الموظفين الدوليين من السمات البارزة لهذه المرحلة، ويتم بواسطتهم تحقيق التعاون الدولي في سائر مجالات العلاقات الدولية.
أولاً: منظمة عصبة الأمم
نشأت عصبة الأمم عام 1919 مسيحي، كأول منظمة دولية عالمية تضم في أروقتها عدداً من الموظفين الدوليين، كانت تعتمد عليهم في قيامها بمهامها وأنشطتها المختلفة، وفي تحقيقها لأهدافها وغاياتها.
ويُمكن القول أن منظمة عصبة الأمم أول منظمة دولية تهتم بصفةٍ أساسية بأمور سياسية، حيث كانت معنية بالسلم الدولي والمحافظة عليه وحظر استخدام القوة إلا في حالات معينة، وقد كان من اهتمامات العصبة أيضاً الربط بينها وبين الاتحادات الفنية سواء الموجودة قبل إنشاء العصبة أو بعدها من أجل التنسيق بين أوجه نشاطها تحقيقاً للصالح الدولي العام( ).
كما كانت العصبة تضم بين أروقتها حوالي ثمانمائة موظف ينتمون إلى جنسيات مختلفة، وكانت حقوق موظفي العصبة وواجباتهم وعلاقاتهم بالمنظمة وغيرها من المنظمات الأخرى تُنظّم بموجب لائحة العمل الداخلية لموظفي العصبة، هذا وقد كان يقوم بأعمال العصبة الإدارية ويُعاونها في القيام بأنشطتها المختلفة وتحقيق أهدافها الأمانة العامة للعُصبة( ).
أما الجهاز الإداري للعصبة، فيتمثل في الأمانة العامة وتضم الأمين العام والأمناء المساعدون وعدد من الموظفين الدوليين، ويتم تعيين الأمين العام بقرارٍ يُصدره مجلس العُصبة بإجماع الآراء على أن يقترن قرار التعيين هذا بموافقة الأغلبية في الجمعية العامة، أما الأمناء المساعدون وباقي الموظفون فيتم تعيينهم بقرار صادر عن الأمين العام وبموافقة الأغلبية في مجلس العصبة( ).
كما يتولى الأمين العام العديد من المهام منها مهام إدارية مثل القيام بإعداد جدول أعمال المجلس والجمعية العامة، ومتابعة تنفيذ قراراتهما وتعيين موظفي الأمانة العامة، ودعوة المجلس للانعقاد بجلسة استثنائية، وأخرى مهام سياسية مثل الوساطة بين الدول المتنازعة والقيام بالمساعي من اجل فض النزاع بالوسائل السلمية، فهو أداة الاتصال بين الدول المتنازعة والمجلس والجمعية العامة( ).
ويتمتّع الأمين العام وموظفو الأمانة العامة للعصبة بالامتيازات والحصانات الدبلوماسية، وتشمل هذه الحصانات مقر العصبة وكافة المباني التي تشغلها العصبة وهيئاتها، وذلك حتى يتسنى لهم القيام بواجباتهم على أكمل وجه.
ثانياً: منظمة الأمم المتحدة
مع نشوب الحرب العالمية الثانية وزوال عصبة الأمم، دخل المجتمع الدولي عصراً جديداً من التنظيم الدولي وهو عصر الأمم المتحدة، والتي نشأت عام 1945 مسيحي، وتميّز نشاطها بالعالمية والتعدد، خاصةً أن أهدافها لم تعد مقصورة على تلك الأهداف التي نشأت من أجلها، بل تعدّت ذلك إلى غيرها من المجالات الأخرى، فلم يعد دورها مقصوراً على حفظ السلم والأمن الدوليين وحلّ المنازعات الدولية، بل تعدّاه ليشمل المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإنسانية، ويضطلع بتنظيم هذا الدور وتحقيق أهداف المنظمة الجهاز الإداري فيها، والذي يتكوّن من الأمين العام وعدد من الموظفين الدوليين( ).
هذا وقد شهدت الوظيفة الدولية تطوراً كبيراً في ظل منظمة الأمم المتحدة نتيجةً لتطوّر عمل الموظّف الدولي، من خلال اتساع نشاط الأمم المتحدة وتعدد مهامها، وكذلك إنشاء مجموعة كبيرة من المنظمات الدولية المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة، وما ترتّب عليه من تزايد عدد الموظفين الدوليين الذين يتولون تسيير العمل في تلك الأجهزة الدولية المختلفة، فظلاً عن ازدياد وتنوع القضايا الدولية والإقليمية التي صارت تعرض على المنظمة الدولية أو المنظمات الدولية الفرعية المتفرعة منها مما كان سبباً في ازدياد أهمية الموظف الدولي.
والأمانة العامة للأمم المتحدة هي الجهاز الإداري والفني الذي يقوم بتولي كافة الأعمال الإدارية بالنسبة لجميع فروع الأمم المتحدة وأجهزتها الرئيسية والفرعية (باستثناء محكمة العدل الدولية التي يعين لها مسجل خاص).
وتتكون الأمانة العامة من الأمين العام وعدد كافي من الموظفين للقيام بالأعمال الإدارية المطلوبة, وعلي الرغم من أن الأمين العام وموظفي الأمانة العامة يشكلون جهازاً واحدًا يرأسه الأمين العام, فإن طريقة تعيين الأمين العام تختلف عن طريقة تعيين باقي الموظفين فضلاً عن أنه ينفرد ببعض الاختصاصات السياسية, وهو الذي يُسأل وحده عن أداء الجهاز الذي يرأسه أمام الجمعية العامة( ).
وبما أن الأمين العام هو الموظف الإداري الأعلى للأمم المتحدة، فإن تعيينه يتم من طرف الجمعية العامة بناءً على توصية من مجلس الأمن، وتصدر هذه التوصية بأغلبية تسعة أصوات على الأقل، على أن يكون من بينهم الدول دائمة العضوية بالمجلس، أما عن المدة التي يشغلها الأمين في منصبه فحددتها الجمعية العامة بخمس سنوات يجوز تجديدها كما يجوز إعادة انتخابه( ).
أما فيما يتعلق بتعيين موظفي الأمانة العامة، فإن الأمين العام هو الذي يتولى تعيينهم وفقاً للوائح المنظمة للمركز القانوني لموظفي الأمانة العامة التي وضعتها الجمعية العامة، وعلى الأمين العام أن يُراعي في ذلك ضرورة الحصول على أعلى مستوى من المقدرة والكفاءة والنزاهة، مع مراعاة التوزيع الجغرافي على أعلى نطاق( ).
هذا وباعتبار الأمين العام وموظفو الأمانة موظفين دوليين، فقد تعهّدت الدول أعضاء الأمم المتحدة في المادة (100) من ميثاق الأمم المتحدة باحترام الصفة الدولية لمسئوليات الأمين والموظفين، وألا تسعى الدول الأعضاء إلى التأثير فيهم عند اضطلاعهم بمسئولياتهم، كما حرّم الميثاق على الأمين العام والموظفين أن يطلبوا أو أن يتلقّوا في تأدية عملهم تعليمات من أية حكومة أو سلطة خارجة عن منظمة الأمم المتحدة، كما أن عليهم الامتناع عن القيام بأي عمل قد يُسيء إلى مراكزهم بوصفهم مُوظّفين دوليين مسئولين أمام المنظمة الدولية دون غيرها( ).
أما بالنسبة إلى اختصاصات الأمين، فهو اختصاص ذو طابع إداري بصفته رئيساً للجهاز الإداري للمنظمة ومسئولاً عن أداء هذا الجهاز، إلا أن ميثاق الأمم المتحدة قد أسند للأمين العام بعض الاختصاصات السياسية، وقد أصبحت هذه الاختصاصات السياسية من الأهمية بمكان إلى درجة أنها بدأت تطغى على الوظيفة الإدارية والتنفيذية للأمين العام.
ويتولى الأمين العام القيام بأعماله، بصفته هذه، في كل اجتماعات الفروع الرئيسية للأمم المتحدة، ويقوم بالوظائف الأخرى التي توكلها إليه هذه الفروع وعليه أن يقدم تقريراً سنوياً للجمعية العامة بأعمال الهيئة، كما أنّ له أن يُنبّه مجلس الأمن إلى كل مسألة يرى أنها قد تُهدّد حفظ السلم والأمن الدولي. ويقوم الأمين العام بتحضير مشروع ميزانية الأمم المتحدة، وإعداد الجدول المؤقت لأعمال الجمعية العامة، ويوجّه الدعوة لحضور دورات الجمعية العادية والاستثنائية، كما يقوم بتسجيل المعاهدات ونشرها، ويتولّى الأمين العام تمثيل المنظمة على الصعيد الدولي( ).